( أصدق الأكاذيب عبارةُ: سأحبك إلى الأبد..)
عندما رأيت الصورة التي التقطها صديقي سليمان منذ سنوات لسلة مهملات في ركنٍ لحديقة في إحدى مناطق دمشق، تلك الصورة التي التقطها في حيرة من أمره ومن مشاعره تجاه عبارة خربشها مراهقان على السلة في محاولة منهما لأن يخلدا ذكرى حب كبير جداً جداً يعتقدان أنه سيدوم للأبد..
عندما رأيت تلك الصورة لم تنتابني مشاعر الفضول حيال ما حلّ بمدونيها أو ما حلّ بها كما كان سليمان يشعر …، بل ترددت في رأسي كلمات غادة السمان ” أصدق الأكاذيب عبارةُ: سأحبك إلى الأبد..” ، ألهذا لا فرق في أن يدوّن عاشقان ذكرى حب يعتقدان أنه سيدوم إلى الأبد على سلةٍ للمهملات أو على غيرها من الجدران أو الأشجار أو ما قد ينتهكانه من المرفقات العامة كُرمى لذكرى حبهما..
لم أهتم يوماً للعبارات الفوضوية التي يدوّنها المراهقون ( أو غيرهم ) بتلك الطريقة التي تستبيح المشهد اليومي، وبالتأكيد لن أهتم لها الآن في زمن أضحت فيه دمشق تفقد جدرانها وأشجارها بل وربما أبناءها أنفسهم الذين دونوا هذه الكلمات..
لكنني حتماً أعجبت يوماً بشاعرية وحضارية فكرة أقفال الحب التي يضعها العاشقون على شباك جسور الأنهر في فرنسا وألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية وقد حفروا أسماءهم عليها لتخليد عشقم في قفل يحمل أسراره ويظل شاهداً عليه إلى الأبد..، وفزعت يوماً عندما علمت أن البلديات في تلك الدول تعمل على إزلة الأقفال ورميها بعد أن تتكاثف على شباك الجسور لتفسح المجال لعشاق جدد يحلمون أيضاً بتخليد ذكرى حبهم للأبد..
في بعض البلاد قد يأتمنُ عاشقان جداراً أو شجرة أو حتى سلة مهملات على ذكرى حبهما أكثر من جسور أقفال الحب الحضارية تلك، خاصة أن البلديات قد لا تفكر غالباً في تنظيفها أو إزالة الخربشات الفوضوية عنها…
عند هذه الفكرة دفعني الفضول إلى ذلك الركن من المدينة الذي التقط سليمان فيه الصورة لأرى ما حلًَ بتلك الخربشات الواهمة..
هناك، عدتُ لأردد في نفسي عبارة ” أصدق الأكاذيب عبارة : سأحبك إلى الأبد..” ، وأنا أرى ذلك الركن من المدينة وقد غدا بلا سلةٍ للمهملات..