Image default
Home » الأديب
ذكريات

الأديب

الأديب، ملحن ومنتج موسيقي سوري مقيم حالياً في إسطنبول، يبتكر أسلوبًا مميزًا يمزج بين الموسيقى التجريبية والهيب هوب. يصف هويته الفنية بأنها متأثرة بشكل عميق بمشاركته في مشروع “الهَمْهَمة السورية” الذي يُعد تعاونًا عالمياً بين باحثين وفنانين سوريين نازحين. يستكشف هذا المشروع الذكريات الشخصية والجماعية المتعلقة بالطعام والحياة اليومية، جامعًا بين الموسيقى، السرد القصصي، والفن البصري.

مشروع جديد يحمل اسم “جنة جنة” يتابع هذا النهج، حيث يدمج أصوات وتجارب المجتمعات السورية النازحة في إسطنبول ضمن رؤية فنية مشتركة.

كيف يمكن لشخص يعيش في الفقر والخوف أن يتخيل وطنه الذي تركه خلفه كجنة، حتى في أحلامه؟ بينما تركز وسائل الإعلام غالبًا على المآسي التي يواجهها اللاجئون، يختار الفنانون ورواة القصص والموسيقيون المشاركون في مشروع “جنة جنة” العمل مع الأحلام والآمال بدلاً من ذلك.

تحدث الأديب مع منصة “قصتنا” عن هذا المشروع.

ما الذي يعنيه لك مشروع جنة، جنة؟

بدايةً، “جنة، جنة” هو مشروع رواية قصص تشاركي، ويناقش مفهوم الجنة من منطلق غير ديني يرتبط بشكل خاص بسوريا، وطننا. من خلال قصص أشخاص مختلفين، استكشفنا كيف تغيّرت حياتهم بين سوريا والحياة في الخارج. ببساطة، هو مشروع يجمع بين الموسيقى والسرد والفن للتعبير عن كيفية الشعور بهذه الجنة وتحقيقها بالنسبة للسوريين.

بالنسبة لي، “جنة، جنة” هو مساحة تجمع العديد من الفنانين للتعاون وتبادل الأفكار. اجتمعنا لنستكشف معنى “جنة، جنة” (جنتين)، خاصة أن الأغنية أصبحت نشيدًا في المظاهرات السورية عام 2011.

كنت أتساءل عن هذا الارتباط. هل يمكنك أن تخبرنا المزيد عن هذه الأغنية لقرائنا غير السوريين؟

“جنة جنة” هي أغنية عراقية للفنان رضا الخياط من عام 1982، وقد كانت تهدف في الأصل إلى تصوير العراق تحت حكم صدام حسين كفردوس أو جنة. في عام 2011، ومع بداية الصراع في سوريا، أصبحت الأغنية شائعة بين قادة الاحتجاجات السلمية مثل عبد الباسط الساروت، وخاصة في مدينة حمص. أصبحت تمثل الحرية، والتضامن، والوحدة. بالنسبة للسوريين، حملت الأغنية رسالة أمل: رسالة أن عندما نتوحد معًا ضد النظام، يمكننا أن نصنع الوطن الذي نحلم بالعيش فيه؛ وطنًا يمكن أن يكون جنة.

اذن ماهما الجنتان في مشروع جنة، جنة؟

الجنة الأولى التي كنا نعيشها في الوطن قبل مغادرته، والجنة الثانية بعد مغادرته

اذن ماهو التغير بينهما؟

نحن بالطبع نغوص بين مواضيع الهجرة والنجاة.

كيف يمكن لشخص يعيش في الخوف والقلق والفقر أن يرى وطنه كجنة، حتى في أحلامه؟

هذا هو السؤال الذي نستمر في دراسته طوال المشروع.

ماهو مفهومك عن الجنة؟

جنتي هي السعادة. 

بدون السلبية، والعنف، والكراهية، وسفك الدماء، والعنصرية، والعديد من القضايا التي تملأ حياتنا اليومية من خلال وسائل الإعلام.

وماذا تعني لك جهنم (الجحيم)؟

جهنم، من منظور غير ديني، تمثل المعاكس للجنة.

أعتقد أننا نعيش حالياً في جحيم الحروب وما يترتب عليها. الناجون الذين يهربون من الموت يصبحون لاجئين. ومع الإمكانيات المحدودة، يُحتجز هؤلاء الناس داخل حدود خريطة جغرافية محددة، دون أي امتيازات أو حقوق في الحياة، ويواجهون مخاوفهم وقلقهم.

كيف أثر هذا الفهم على نهجك في الموسيقى؟

أعتقد أن كل فنان يتأثر بالبيئة التي يعيش بها بطريقة ما. حتى وإن لم يكن التركيز الرئيسي هناك، إلا أنهم لا يزالون مرتبطين بجذور وحالات معينة تشكّلهم.

عند التأليف، أشارك المشاعر التي أشعر بها في تلك اللحظة، مع ترابطها بالنص، ومتناغماً مع تلك المشاعر ومع الرسالة في الكلمات وقصتها.

كموسيقي، أجد الجنة في كل ساعة أنتج الموسيقى. 

بالنسبة لي، الموسيقى هي الجنة.

كيف أثرت التعاونات مع فنانين آخرين على اتجاه عملك؟

التعاون مع فنانين آخرين دائماً ما يكون تحدياً، ولكنه يساعد أيضاً في خلق شيء جديد. أنا أحب ذلك وقد عملت مع العديد من الفنانين، خاصة في مجال الهيب هوب العربي.

مشروع “جنة جنة” مختلف عما أفعله عادةً، فهو ليس موسيقى إلكترونية ولا هيب هوب. وجدته أكثر شبهاً بالبودكاست القصير، على الرغم من أنه ليس بودكاست بالمعنى الحقيقي.

نحن نروي قصة، وتدعم الموسيقى الجو العام لها.

في الجزء الأول من “جنة جنة”، كانت الموسيقى تلعب دورًا داعمًا أكثر، لكن في الجزء الثاني، أصبحت هي التركيز او الدور الرئيسي.

كيف تُترجم مشاعر وتجارب المجتمع السوري إلى موسيقاك؟

لا أرى دورنا في المشروع هو ترجمة لمشاعر المجتمع السوري. هذه عبء ثقيل، ولا يمكن لأحد تحمله. 

أعتقد أن دورنا الرئيسي هو التوثيق، خاصة الآن، حيث إن الأحداث منذ عام 2011 قد تُنسى. لا تزال نضالات المجتمع السوري مستمرة حتى اليوم.

دورنا كفنانين مهم بنفس القدر، حتى وإن اتخذ أشكالًا مختلفة.

يجب أن تصل القصة الحقيقية إلى العالم بأسره.

ما هي التقنيات أو العناصر الموسيقية التي تستخدمها؟

كموسيقي، يتمثل دوري في تجربة الأصوات التي تناسب سياق القصة. في الجزء الأول، كان الحوار هو الأساس وكانت الموسيقى تدعم المشاعر ببساطة.

أما في الجزء الثاني، فقد أصبحت الموسيقى القوة الدافعة الرئيسية للقصة.

كما استخدمت العديد من المقاطع الصوتية المسجلة مباشرة من إسطنبول. أحب تسجيل الأصوات الحية! لقد استخدمت أصوات شوارع إسطنبول والعبارات، وحتى المحادثات بالقرب من البحر.

كيف أثرت تجربة التهجير على عملية إبداعك كفنان سوري مقيم في تركيا؟

العيش في تركيا قد ساعدني بالتأكيد في تنمية مواهبي ومهاراتي، لكن لم يكن الأمر سهلاً.

جئت إلى هنا في عام 2014، وأنا مقيم في إسطنبول تحت الحماية المؤقتة. بدأت تعلم الموسيقى حوالي 2015-2016، مستخدمًا في الغالب موقع يوتيوب واحدة من قلائل المزايا هنا في تركيا هي الوصول إليه.

تطوير المهارات الفنية وتنمية المواهب يتطلب وقتاً، خاصة عندما تعمل في مجال مختلف تماماً لكسب لقمة العيش. الفرص أمام الفنانين دائماً ما تكون نادرة، خاصة مع قلة الدعم أو المساعدة المتاحة.

كيف ستعرّف نفسك في جملة واحدة؟

ناجٍ!

وهل هو مختلف بطريقة ما عن الكلمات التي كنت قد استخدمتها، مثلاً، قبل 10 سنوات؟

بالطبع، هناك دائمًا مجال للنمو، واستكشاف أفكار جديدة، وتوسيع الآفاق.

هذا النمو يجعل فني يتطور، فهو دائمًا مختلف. كما أنه يجعلني أشعر بالرضا.

بفضل فني، أنا سعيد بكل ما مررت به خلال السنوات العشر الماضية.

إذا كان بإمكانك الاختيار، ما هي التجارب الشخصية في الماضي التي تحددك كإنسان الآن؟

الحرب. إنها تجربة فظيعة. الحرب تجعلك تبحث عن وسيلة للنجاة، كما تعلمك كيف تقدر قيمة الحياة.

هل تستلهم من أشكال الفن، والفنانين، والأنماط التي يمكنك الإشارة إليها على أنها “سورية بحتة”؟

بالطبع، هناك العديد من الفنانين السوريين الموهوبين في جميع أنحاء العالم. على سبيل المثال، ألبوم “صفرصفر” للفنان هالو سايكلبو يمزج بين الموسيقى الإلكترونية وتأثيرات الطرب ويشمل تعاونات رائعة.

مجموعة أخرى لفتت انتباهي مؤخرًا هي الفرقة الجديدة “جزيرة 10جزيرة 10”. بعض أعضاء هذه الفرقة كانوا سابقًا جزءًا من فرقة “خبز دولةخبز دولة”، المعروفة بإنتاجها واحد من أجمل ألبومات الروك السورية. الآن، يقدمون أسلوبًا جديدًا يلتقط الروح الحنينية بموسيقى مشابهة لحقبتي الثمانينات والتسعينات.

ماهو الفن بالنسبة لك؟

بالنسبة لي، الفن هو أداة سحرية. إنه لغة يمكن استخدامها لنقل الرسالة، والتعبير عن المشاعر، ومشاركة التجارب.

يمكن أن يكون أيضاً وسيلة للتأمل الداخلي. في هذه الحالة، هو طريقة للتفكير والتركيز أثناء تأليف الموسيقى، وإنشاء الأصوات، وتنقيح العمل النهائي. إنه جزء أساسي من عملية الإبداع.

يساعد الفن الناس على فهم مشاعرهم وأنفسهم. يكسر الحواجز في التواصل الذاتي، مما يساعدهم على ملاحظة المشاعر الجيدة والسيئة. وهذا يبدأ “صداقة” مع الذات. عندما يعرف الناس احتياجاتهم، يصبح من الأسهل التواصل مع الآخرين والتعرف على ثقافات مختلفة.

رينا ريبينا

مقالات ذات الصلة

Leave a Comment

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. قبول Read More

Privacy & Cookies Policy