العزف في الشوارع
مقابله مع خوان دلغادو – لم يرغب الفنان بذكر إسمه
ولدت في مدينة السَّلَمية القريبة من مدينة حمص في بيئة موسيقية أوجدها والديَّ في بيتنا، وعندما كبرت انتقلت لأدرس الموسيقا في كلية الموسيقا في مدينة حمص و كان ذلك بين عامي 2011 و 2012 بينما كانت المدينة قد أصبحت مركزاً لأحداث أخذت بالاتساع. بقيت في مدينة حمص آملاً أن أحصل على منحة تمكنني من الدراسة في إحدى الجامعات الأوروبية وكنت أعتقد أن من لديه شهادة جامعية يمتلك حظاً أكبر للحصول على هذه المنح، ولكن للأسف أدركت لاحقاً أن هذه ليست الحال في الواقع
يوماً ما وبينما كنت أتدرب على العزف أتى أحد الأصدقاء لزيارتي فسمع صوت الموسيقا يمتزج بصوت القذائف التي تسقط على مقربة من بيتي، وأخبرني بأن هذا شكّل مشهداً غاية في الجمال. لم أتقصد أن أصنع هذا المشهد الذي يجمع الموسيقا بصوت القذائف فكل ما كنت أنوي عمله ببساطة هو العزف. في النهاية وبسبب كلّ الأمور التي كانت تجري هناك كان عليَّ أن أعود إلى السّلَمية، فعملت هناك بتدريس العزف على البيانو كما تمكنت من قضاء أوقات طويلة مع الأصدقاء في المقاهي الموسيقية حتى شكلنا فرقة جاز وأطلقنا عليها اسم “تريندي باند”. إلا أنه ومع مرور الوقت كان علينا أن نوقف عمل الفرقة خصوصا بعد أن غادر بعض أعضاءها إلى مصر والتحق آخرون بالخدمة العسكرية وأصبح الطريق الواصل بين حمص والسّلَمية غير آمن
في الأول من شهر أيلول عام 2013 غادرت سوريا وأتيت إلى اسطنبول حيث كانت أختي قد جاءت إلى هنا مع زوجها قبل حوالي عام، فبقيت معهما حتى تمكنت من العيش بمفردي. كان من الصعب أن أجد عملا لذلك بدأت بالعزف على الأكرديون في الشوارع وفي محطات القطار، تلك كانت هي المرة الأولى التي شعرت فيها بالحاجة لأن أتغلب على فكرة شائعة في سوريا تعتبر العزف في الشوارع إحدى وسائل التسول. تمكنت من تجاوز هذا الحاجز بفضل ما لقيته من تشجيع من الناس لكي أستمر بالعزف
بدت الشوارع وكأنها خشبة مسرح، فقد أمضيت شهرين أعزف في محطات القطار وفي شارع الاستقلال المزدحم (وهو الظّاهر في الصورة). عندما بدأت لم أر الكثير من السوريين لكن الآن ازداد العدد قليلاً وأصبح يضم بعضاً من أصدقائي الذين حرصت على أن أكون بجانبهم عند قيامهم بالعزف لأول مرة. ساعدني جو اسطنبول المتميز بتعدد الثقافات والمزج بين الشرق والغرب باكتساب خبرات موسيقية جديدة كان الكثير منها غير متوفر في سوريا. أحياناً أقوم بالعزف في فرق موسيقية تضم أعضاء من ست خلفيات مختلفة، فهنا يمكنك أن تشارك العزف مع عازفين من بلدان مثل فرنسا وإيران في نفس الوقت. في هذه المجموعات فعلاً أشعر بالحب لكوني سورياً، فترافقني ذكريات عشتها هناك في بيتي وغرفتي وغرفة أبي الخاصة بالرسم. عندما أعزف على البيانو في اسطنبول تأخذني ذاكرتي لأجد نفسي في غرفتي التي تركتها ورائي في سوريا
Interviewed by Juan delGado
English Text Edited by Taha Lokhandwala
The interviewee prefers to remain anonymous
Featured image: Niki Atashfaraz; top image: Robot Weizenkeim; bottom image: Mark Menzies