مقابله مع خوان دلغادو
ياسر
غادرت سوريا في 22 تموز 2012. السبب الرئيسي كان البحث عن الأمن. انه السبب نفسه الذي يغادر من أجله الجميع سوريا هذه الأيام. قبل أن أغادر، كانت هناك لحظات حين شعرت أنني لن أرى سوريا مجدّدا. هذا دفعني أن أسجل آخر المشاهد من إقامتي. الوثائقي الذي كنت أصنعه يسجل رحلتنا ببساطة – أنا و زوجتي ريما – قضينا 11 شهر تقريبا في لبنان و 11 شهر حتى الآن هنا، قرب مدينة بورسا التركية. رحلتي خارج سوريا شجعتني أن أركّز على الفن. ولكن في نفس الوقت، أتمنى أنها لم تحدث قط
عندما أتذكر حياتي قبل الأحداث، غالبا أفكر بفترة بعد التخرّج عندما افتقرت للعمل. في ذلك الوقت، كان الأمر عصيبا. لكنني أشعر الآن أنّ تلك الفترة كانت الأجمل في حياتي. قضيت اثنتا عشرة ساعة كل يوم مع أصدقائي نتسكع في المدينة القديمة، قرب القلعة. كان هنالك العديد من التفاصيل الصغيرة في حياتنا في سوريا لم نكن نشعر بأنها مهمّة. منذ بعض الوقت شاهدتّ فيديو صنعه سائح أجنبي، سجل نصف ساعة من الحياة في حلب في 2006. الآن، أشعر أن هذا الفيديو قد يكون من أهم الوثائقيات عن حلب. وثق أحداثا يومية شكّلت جزءا عاديّا جدّا من حياتنا. بعد السنوات القليلة الماضية، نلاحظ كل التفاصيل
ريما
المشروع الوحيد الذي كان لدينا حين غادرنا سوريا كان خطط زواجنا. عندما انتقلنا لبيروت، كانت المرة الأولى التي يخرج فيها أيّ منا خارج سوريا. في البدء، كنا مأخوذين بالمدينة الجديدة. لكن بعد وقت قصير أدركنا أن الحياة هناك لها ضريبتها. شعرنا برغبة أن نهتم أكثر بالفن. الآن نعيش في مكان يمنحنا الفرصة أن نعيش حياتنا على نحو لائق. نعيش بالقرب من الطبيعة. هذا يبعث على الراحة، آخذين بالاعتبار الظروف الصعبة التي مررنا بها. لكن والدي يقول لي دوما انني يجب أن أجد عملا في الهندسة المعمارية. أخذت درجة الباكلوريوس في الهندسة المعمارية و أتممت بعدها سنة من الماجستير في ترميم الأبنية التاريخية. لم أتمكن من إنهائه لأننا اضطررنا للمغادرة.
شاركت في هذا الوثائقي عبر لوحاتي. و صنعت أيضا فيديو رسوم متحركة قصير. أخبرني ياسر قصة عن متنزه صغير قرب منزله حين كان طفلا. اعتاد الذهاب هناك مع أخيه الصغير للّعب. منذ سنة مضت، توفّي شقيق ياسر بعد انفجار قنبلة. لم يكن من الممكن الوصول للمقابر المعتادة. لم يكن هناك خيار عدا أن يتم دفنه في نفس المتنزه الذي اعتاد أن يلعب فيه مع ياسر عندما كانا أطفالا.عندما سمعت هذه القصّة، شعرت بأسى طاغٍ. لم أتمكن من النطق بكلمة. في الفيديو استعنت بالصور و الموسيقى لأخبر قصة المتنزه الذي أصبح مقبرة. أعمل على وثائقيّ الآن، لكن لن يكون من الممكن أن أستمر إن لم أتمكن من الذهاب إلى سوريا. أحتاج أن أزور منزل جدي و أن أوثّق كل المصنوعات اليدوية هناك. وأحتاج أن أتعرف على طفولة جدي. أمه اضطرت أن تهاجر من تركيا الى سوريا خلال زمن مذبحة الأرمن. الحرب كانت السبب وراء انتقالها لسوريا من تركيا، وهي نفس السبب الذي لأجله أغادر سوريا
Featured image, first and second images: Yasser Kassab; third and fourth images: Rima Al-Hamod