أنا سوريّ دمشقيّ التنشئة، خرّيج المعهد العالي للفنون المسرحية. سافرت خارج البلاد بعد بداية الأزمة إلى مصر كونها ساحة فنية كبيرة لمتابعة فنّي بحريّة أكبر، أكثر ما آلمني خسارة كتبي التي لم أتمكن من أخذها عند السفر، ولم أتمكن من أخذ لوحاتي إنما فقط بضع رسمات على ورق.
جئت إلى اسطنبول منذ حوالي عشرة أشهر. و أعيش في بيت صديقي في منطقة مسماة ميسيديكوي. عندما تصل إلى مكان كهذا يجب أن تحارب مشاكل الحياة اليومية فإما أن تقتل موهبتك أو تتغلب عليها و تستمر وهنا تتدخل البيئة الفنية المسؤولة عن إمكانية ابداعك و هنا أيضا تبرز الحاجةلوجود المكان للإبداع.
كنت أرسم عندما وصلت لاسطنبول. ولكن كان من الصعب عليّ كسب العيش من هذا العمل. كان من الضروري أن أبحث عن وظيفة أخرى لكي أتمكن من البقاء على قيد الحياة. هناك فنانون سوريون كثر يعملون في مهن مختلفة لتأمين لقمة العيش.
فليس من السهل متابعة أحلامك في بلد كتركيا لكنك بهذا تبحث عن ذاتك و تطور نفسك أكثر بسبب وجود هامش أكبر من الحريّة، وبعد فترة قد أتحولمن فنّان سوري لفنّان مهجر، و أكثر ما أحمله من صور بلدي هو الحسّ الرّمادي و اللون القاسي الذي يبرز جليا في لوحاتي الجديدة.
مدرستي اللتي أمارسها في أعمالي هي التعبيرية كصورة لذات الإنسان و واقعه مهما كان أسوداً أو مشوّه، وقد شاركت في معرضين مع فنانين أجانب وأطمح لوجود معرض خاص بي.
الفن قادر على تغيير الواقع وليحدث ذلك يجب ان يكون حقيقيا فيحدث نقلات نوعية في واقع الفنان وبلده.
أكثر ما يمثل دمشق في ذاكرتي كلوحة واحدة هي كما رايتها من نافذة الطائرة، وأكثر ما أفتقده هم صداقاتي. أحببت دمشق القديمة و الإحساس بالعراقةفي أجزائها و بروحانيتها.
من الصعب أن تبحث عن ثنائيّة روحك بالرغم من حاجتك لها بسبب متطلبات الحياة و مشاكلها حاليّاً.
التحدي الذي يواجه الفنانين السوريين هو إيجاد مكان للرسم. عندما يجد الفنان مكاناً فانّه يسمح له بمتابعة مهنته وتطوير أفكاره.
كما يحدث في بيروت في معرض عليا حيث استقبل الفنانون السوريون كإقامة و إبداع ثم عرضت أعمالهم للعالم.
إذا أردت أن تعبر القارات فيجب أن تمر عبر الحدود وكذلك تحتاج أفكار الفنان أن تعبر الحدود أيضا. ولكن حاليّا، لا يستطيع الفنان السوري أن يعبر الحدود إلى أي مكان على الرغم من حاجته الملحّة للانتشار عبر الحدود وإيجاد أماكن جديدة للإبداع.
Photos by Maher Abdo