مقابلة أجرتها جوليا رامبن
سلام
لولا وجود هاتفي لشعرت بأنني تائهة في الصحراء، كما لو أنني أضعت جزأً مني.
لا أستطيع رؤية عائلتي في سوريا كثيراً لصعوبة التواصل معهم، لذا فإننا نرسل صوراً لبعضنا على “الواتس أب”، كما وأبعث لأمي رسالةً حال وصولي الى المكتب. جدّاي لا يغادران المنزل كثيراً، فيرسلان لنا الصور و نرسل لهم بدورنا تسجيلاتٍ صوتيةً لنا.
ما تبقى من عائلتي يعيش خارج البلاد، في الولايات المتحدة، والاتصال بهم مكلفٌ للغاية. لولا “الواتس أب” و”الفايبر” لما تمكّنت من التواصل معهم. لا أذكر متى كانت آخر مرةٍ استخدمت فيها الخط الأرضي!
أكثر ما يحتاجه اللاجئ هو الهاتف الذكي؛ فمن خلاله تستطيع استخدام الانترنت ومعرفة ما يجري في العالم من حولك، كما ويمكنك الاتصال بعائلتك. لديّ أصدقاءٌ لاجئون ظنّت عائلاتهم أنهم توفّوا بعد فقدان الاتصال بهم لأنهم لا يملكون هواتف ذكية!
كان أحد أفراد عائلتي على متن قاربٍ عندما تحطّم و غرق في البحر، اتّصاله بأحدهم أنقذ حياته!!
إياد
عندما تملك هاتفاً ذكياً فإنّك تملك العالم بين يديك؛ إذ تستطيع دراسة لغةٍ جديدة، أو حتى معرفة مكانك على الخريطة
كثير من اللّذين هاجروا إلى ألمانيا تبينوا طريقهم باستخدام تطبيق “خرائط غوغل” و الكثير من أصدقائي خطّطوا للرحلة كاملةً بواسطته. حتّى أنّ أحدهم درس اللّغة الألمانية في مخيم الفرز ولم ينتظر سنةً كاملةً حتى يسمحوا له بتعلمها ؟!!
سلام وإياد شابان في منتصف العشرينات من عمرهما يحاولان التكيّف مع الواقع الجديد في سوريا ومماشاة العصر الحديث. يقولان: “إنّ العصر الجديد وضع بين أيدينا أدوات تمكننا من التغلب على الصعوبات التي يفرضها واقع اليوم”، حتى بات بعضها، لا بل أغلبها، جزءاً من كياننا الحالي!!
يُعتبر الهاتفُ الذكيّ – على سبيل المثال – واحداً من تلك الأدوات. وتعبّر سلام عن دور الهاتف الذكي في حياتها بالقول: “عندما لا يكون هاتفي قريباً مني أشعر كأنني تائهةٌ في الصحراء؛ كمن فقد جزءاً منه”.
لقد فرضت الأوضاع الحالية على الشباب في سوريا وضعاً جديداً؛ فسلام وإياد مثلاً لا يستطيعان التنقل كثيراً لأنهما ملتزمان بعملٍ و دوامٍ جامعي، لذلك فهما لا يستطيعان زيارة العائلة كثيراً أو الخروج مع الأصدقاء. و برأيهما، الهاتف الذكي عمل على حلِّ هذه المشكلة.
تقول سلام: “لأنّ جدّاي كبيران في السن، فهما لا يغادران المنزل، لذلك نقوم بإرسال تسجيلاتٍ صوتية ومقاطع فيديو لهما، أو حتى بعض الصور لنبقى مرتَبِطَين بهما”. وتكمل قائلةً: “أما ما تبقى من عائلتي فهم يعيشون خارج سوريا مما جعل تكلفة التواصل معهم باهظة، ولم يتبقَّ لنا سوى وسائل التواصل الاجتماعي لتبقينا على اتصال”.
يؤكد إياد أيضاً بأن الهاتف الذكي هو نافذة اللاجئ إلى العالم؛ فاللاجئون – بحكمِ الظّروف التي يمرون بها – أصبحوا غير قادرين على تحمّل أعباء الحياة المادية من تكاليف معيشيةٍ وغيرها، ناهيك عن مصاريف تعلّم اللغة لاستكمال طريقهم الأكاديمي.
بتوفر تطبيقات متعددة مثل مواقع تعلم اللغة المجانية والمكتبات الالكترونية وغيرها الكثير من التطبيقات التي تدعم التعليم المجاني والإلكتروني، غدا من الممكن للاجئين أن يجدوا طريقةً لتحسين حالتهم تدريجيّاً.
و ممّا تستحق الذكر أنّه مع كثرة أعداد المتدفقين على سواحل الدول الأوروبية، تمكن الكثير من المسافرين عبر البحر من إيجاد مكانهم على الخريطة وطلب النجدة في حالات الطوارئ عن طريق خرائط غوغل.