بالطبع هناك تغير ملحوظ بجودة الطعام و السّمن فقد كانت كلها حيوانية المنشأ و تعتبر أكثر جودة و نقاء منها الآن، أما أنواع الأطعمة الخفيفة فقد كانت تشكيلة من الجوز و الزبيب و الفواكه المجففة بأنواعها، و القضامة المحلّاة و غزل البنات. حديثاً انتشرت الزيوت النباتية و السّمن النباتي و رقائق الذّرة المغلّفة و أنواع الشّوكولا و الحلويات الأجنبية المنشأ. في حين أن المطبخ السوري لم يتغير كثيرا بل بالعكس زادت أطباقه، لكن أدخل إليه بعض الأطعمة الغربية و السريعة التحضير على مدى الخمسين عاما الماضية خصوصا بعد بدء انتشار الثلاجات في تلك الحقبة.
الباذنجان الحموي
كانت الخضروات توضع بالماء المالح ثمّ تجفّف و تكدّس في أوانٍ زجاجية أو تجفف و تخزّن لاستخدامها لاحقاً، فمثلا الباذنجان الحموي، و هو نوع صغير جداً من الباذنجان، يحفر ثم يربط بخيوط و يجفف بالهواء الطلق أو تحت أشعّة الشّمس و عند الرّغبة بأكله يسلق بالماء المغلي بعد أن يتم حشوه بالأرز و لحم الضأن.
الثّلاجات
في سوريا لا تجد مواداً مجمدة في المحال التجارية فكلّ ربة منزل تعمل لأسابيع كلّ سنة في موسم الحبوب كالفول، البازلّاء و الفاصولياء، فتقوم بتسخينها ثم تبريدها لتجف و تحفظ في الثلاجات حتى ينتهي الفصل الذي تنمو فيه فيتم إخراجها و طبخها، و هناك أيضا الجزر و البامية و غيرها، و يطلق عليها محليّاً لقب الأطعمة المفرّزة.
في الفترة التي بدأت فيها الثلاجات بالظّهور في السّوق السّورية تهافت عليها النّاس من مختلف الطبقات الاجتماعية في محاولة لحفظ الأطعمة الموسميّة المفضلة لديهم، فخفت عمليات التجفيف و الحفظ البدائية اللتي كانت مستخدمة و تكاسلت النساء السّوريات و زادت أوزانهن، و إن لم يكن لديهنّ المال لشراء ثلّاجة كانوا يصنعون صحنا كبيرا من القش يضعون فيه الأطعمة و الخضروات المراد حفظها ثمّ يوضع في ظل شجرة كبيرة معلقا على أحد أغصانها.
البوظة
البوظة السّوريّة القديمة بجميع أنواعها أساسها الحليب مضافاً إليه المكسّرات و من أشهر أسمائها في سوريا بوظة “بكداش” أما الآن فأدخلت عليها النكهات المختلفة غربية المنشأ. في المنزل السّوري كان يتم صنع عيدان البوظة من عصائر الفواكه المحفوظة في الثّلاجات.
اللّحوم
السّوريّون مشهورون بكونهم من الشّعوب الأكثر اهتماماً بحفظ الأطعمة لتؤكل في غير مواسمها فحتّى اللّحوم اذا لم تتوفّرة على مدار السّنة حفظوها بطريقتهم، فكانوا يطبخون لحم الخاروف بدهونه ثم يبرّدونه بدهونه أيضاً ليبقى محفوظاً حتّى يستخرجوه و يطبخوه عند الحاجة و يدعى في تلك الحالة قاورما.
قناعة
حاليّا مع الانقطاع المستمر و المتكرّر للكهرباء عادت النّساء السوريّات لأساليب التخزين و الحفظ القديمة معتمدين على خبرة أمهاتهن و جدّاتهن الّلواتي لازلن يعتقدن أنّ الطعام المحفوظ بشكل بدائي معتمداً على قوى الطبيعة أكثر نفعاً من المحفوظ في الثّلاجات و طبعاً هذا الاعتقاد مناسبٌ جدّا في الظروف الرّاهنة.
Featured images: Becky, Erich Ferdinand via Creative Commons