Image default
Home » تداعيات الرحيل
ذكريات

تداعيات الرحيل

12

المحاولة الأولى للخروج من سوريا

عندما وصلت إلى قريتي لأخرج منها إلى الأردن كانت الاشتباكات على الحدود في أشدها. فتعذر خروجي لأيام ويومها أيضا صدر قرار من الحكومة الأردنية بعدم إدخال أي شابٍ لوحده إن لم يكن مع عائلته

بعد ما يقارب الاسبوعين كانت إحدى العجائز التي تحمل ذات اسم عائلتي تريد الذهاب إلى الأردن فذهبت معها على أنني أحد أقربائها

تبدأ الرحلة بوصولك إلى نقطة تجمعٍ في قرية متاخمة للحدود مع الأردن قبيل المغرب يجتمع الناس الذين أتوا من جميع أنحاء البلد. يركبون في سيارات شحن كبيرة . وما أن ينتهي أذان المغرب حتى تبدأ حركتها إلى أقرب نقطة مع الهجانة الأردنيين . كان الجميع مرتبكا خوفا من القناصة على الجانب السوري . يمنع أي شيء حتى الدخان لأن ضوء السيجارة يكشف السرب الممتد من سيارات الشحن التي تعج بالنازحين. تتوقف عند نقطة محددة وعرة لا تستطيع الشاحنات تجاوزها يبدأ القائمون على هذا العمل برش النصائح عن طريقة السير السريع لل3 كيلومترات المتبقية والحذر من الطريق الصخري وعدم اصدار أي صوت . والسير قي ارتال . ويبدأ السير وأستعيد “النكبة” وكل ما قرأته عنها. قلق الأمهات على أطفالهن … الأحمال الثقيلة … والخوف عند الجدات … وعدم صمتهن … وحين وصلنا إلى الشبك كان بانتظارنا عدد من الأردنيين حيث أجلسونا بمكان تابع للأراضي الأردنية إلى أن تصل الحافلات

أذكر يومها السماء جيداً كانت قريبةً جداً والنجوم مهيبة … أذكر جيداً كيف انفجر الجميع بالضحك عندما مر شهاب فظنه المجند الأردني أنه اشارة ضوئية من الجانب السوري أو قذيفة فدب فيه الهلع. أذكر العطش وقتها …

عندما نقلتنا الحافلات إلى نقطة الاستقبال الأولى كان من السهل مروري . ولكن عندما وصلنا إلى النقطة الثانية وهي التابعة إلى المركز الأمني. كانت العجوز التي أرافقها وأحمل حقائبها مع حقائبي بقدر لم أكن أظن أنني أمتلكها. كانت تكثر الدعاء لي … وتشدني من يدي … في النقطة الثانية فقط عرفنا أننا أقرباء ليس فقط تشابه اسماء عائلة . لكن حينها منع دخولي . وعندها أجلسوني مع عدة شباب في غرفة إلى الى الساعة الثالثة صباحاً . وعندها أتى الضابط ليتحدث إلينا . بدأ الشباب بسرد أكاذيبهم ليحتالو عليه في الدخول . فاستشففت من حركته وحديثه انه لن يدخل أحدا فظللت صامتا وعندما أتى إلى ورأى حقيبتي والكتب وتحدثنا قليلاً عن أمر لا علاقة له بالدخول تمنى لو أن باستطاعته ادخالي واعتذر لي وابتسمت له .

العودة

قدم باصٌ وحملنا إلى النقطة التي أخذنا منها على الحدود السورية وأرشدنا أحد الهجانة على طريق العودة

لكن الفجر بدأ بالانبلاج. وحينها سيكون من السهل قنصنا من الهجانة السوريين . والشباب الذين كنت معهم لا يعرفون الطريق جيدا مع أن أحدهم كانت هذه محاولته الخامسة

سرنا صفا واحداً بسرعة حاملا حقيبتيّ الثقيلتين جداً وكان الطريق طويلاً طويلا جدا كان علينا أن نقطع ما يقارب الثلاثين كيلو متر سيرا لنصل إلى القرية التي خرجنا منها . ولم يكن علي أن أنزل حقائبي عني وأريح نفسي . كل لحظة كانت تحمل خيط ضوء ستحمل طلقة من القناصة . وبعد سير طويل اكتشفنا أننا في طريق خاطئ فعندها ما يقارب الخمس كيلو مترات

كنت صامتا جدا وغير آبه بشيء. غير أهلي الذين كانو يظنون أنني قد أصبحت في الداخل

في لحظة ما سقطت الحقيبة من على رأسي حيث وضعتها واخرى على ظهري عندما لم أعد أشعر بيديّ . وسقطت معها. كان السقوط في روحي أكبر . غير أن سماء البلاد كانت جميلة . جميلة جدا . ورائحة الأرض. لم أكن أفكر بالقناصة . ولا بشيء … كانت السماء تشدني فأمشي أكثر … الهواء يشدني … فأمشي أكثر …

وصلت احدى السيارات وحملتنا إلى المسجد الذي يضعون فيه العائدين . عندما دخلته بعد ثلاث ساعات من السير و الهرولة بحقائبي رميت نفسي على السجاد. كانت الكهرباء مقطوعة . كان هناك العديد من الشباب النائمين في ذلك المسجد. وكان البرد حاضرا بضراوة

سحبت جسدي إلى أحد الجدران اخرجت ما احمل من كنزات وبناطيل ولبستها ونمت …

ربما لم يدم نومي أكثر من ساعتين … لكني نمت بعمق شديد رغم برد أشد

عندما صحوت شعرت بالخيبة … ظللت مبحلقا بسقف المسجد… كان أحدهم يقرأ القرآن بصوت شجي خفيت … ظللت أصغي إلى أن هدأت قليلاً .. قليلا فقط … وعدت إلى القرية

مقالات ذات الصلة

Leave a Comment

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. قبول Read More

Privacy & Cookies Policy