عبير طوبجي من مؤسسي مهرجان احتفالية سوريا، وهو أول مهرجان في بريطانيا سلط الضوء على تنوع الفنون السورية وتراثها الثقافي الغني. من خلال عروض موسيقية وسينمائية والعديد من الأنشطة، مهرجان احتفالية سوريا يعرض وجهة نظر جديدة لسوريا. طوبجي تعمل أيضاً كمديرة للنشاطات الاجتماعية لمهرجان مانشستر الدولي.
حدثيني قليلا عن نفسك؟
انا عبير، وحاليا انا مقيمة في مانشستر في بريطانيا. انتقلت إلى هنا في ٢٠١٦. انا من حلب، سوريا، نشأت في المدينة وقضيت معظم حياتي هناك. أعمل كمديرة للنشاطات الاجتماعية لمهرجان مانشستر الدولي. غيرت مجال عملي إلى القطاع الثقافي من أربع سنين، ولكن تطوعت في هذا القطاع من قبل عندما شاركت في تأسيس مهرجان احتفالية سوريا.
ما هو مهرجان احتفالية سوريا؟
مهرجان احتفالية سوريا منظم بالاشتراك مع جمعية فكر وبناء، وهي منظمة اجتماعية تشكلت لتساعد الجالية السورية في ٢٠١٢. غيرت الجمعية أهدافها وخدماتها بناءً على احتياجات المجتمع السوري. قبل تأسيس مهرجان احتفالية سوريا، ذهبت الى العديد من الأنشطة التي نسقتها الجمعية.
كان المهرجان ناجح جداً من البداية، فقررنا جعله حدثاً سنوياً. المهرجان الأخير والذي كان السنوي الخامس حدث في آذار الماضي عام ٢٠٢٢. مهرجان احتفالية سوريا بشكل عام كان الأول من نوعه في بريطانيا. حالياً هناك مهرجانات أخرى أيضاً، ولكن مهرجان احتفالية سوريا يدار بشكل جيد بسبب جهود المتطوعين الذين نعتمد عليهم بشكل كامل.
ما أنواع الأنشطة الذي يهدف لتوفيرها المهرجان
كل سنة هناك فكرة رئيسية جديدة. بشكل عام، نحاول كل سنة أن نحضر برنامج يحتوي على مجموعة من الفنون لجماهيرنا المتعددة منها الموسيقى، ندوات عن المسرح، ورشات حرفية، عرض أفلام ومعارض فنية. نحتفل بالفنانين السوريين المقيمين في بريطانيا ومعظمهم هاجروا إلى بريطانيا في السنوات العشر الأخيرة.
جمهورنا السوري واسع، ويتضمن مهاجرين جدد وأشخاص مقيمين في بريطانيا منذ فترة طويلة.
وعندنا أيضاً جمهور غير سوري يشمل بريطانيين وجنسيات أخرى. نحاول تلبية رغبات الجميع في البرنامج، فبعض الفعاليات تلقى تفاعلاً أكبر من قبل غير السوريين خاصة تلك التي تركز على قضايا ضجر منها السوريون. ولكن هي مهمة لتوعية الغرب بقضايا معاصرة وتاريخية. أما الفعاليات الموسيقية فمعظم الحضور لها سوري، لأن الناس في حاجة ماسة لمشاهدة حفلة موسيقية في موطنهم الجديد من خلال المهرجان. نحاول أن نراعي الأوضاع المادية للجميع من حيث أسعار التذاكر، ونضيف دائما فئات متعددة للتذاكر، ونشجع الجميع بأن يتبنوا نظام اقتصادي تضامني.
تكلمتِ قليلاً عن عنوان المهرجان “احتفالية سوريا”، برأيك كيف للمهرجان أن يقدم وسائل مختلفة للنقاش عن سوريا؟
هذا تماماً السبب الذي دفعنا لتأسيس المهرجان وتسميته “احتفالية سوريا”. جمعية فكر وبناء، المنظمة التي تبنت لمهرجان منحتنا منبراً لاستضافته. أكثرية عملهم يركز على توعية المجتمعات هنا فيما يحصل في سوريا لأن معظم الوسائل الإعلامية التقليدية قامت بالتركيز فقط على العنف والكوارث الإنسانية. كان هذا قراراً مناسباً لأنه كان على نطاق واسع، فليس رأيي أن التغطية الإخبارية كانت بطريقة خاطئة. ولكن الوسائل الإعلامية لم تغط الأسباب الجذرية. كسوريين في بريطانيا وكجالية سورية، هذا كان من أهم المواضيع التي أردنا وشعرنا بالمسؤولية أن ننشر الوعي عنها. لنتكلم عما حصل، كيف حصل، وكيف وصلنا إلى هنا.
من ٢٠١٧، هذه الطريق التقليدية برأيي أصبحت غير فعالة لأنها جذبت نفس الجمهور. لم تنشأ فرص للتوعية عن سوريا. استخدام الفن والثقافة كطريقة لجذب جمهور جديد كان سبب نجاحنا. لأننا لاحظنا كيف نجحوا في تعزيز اهتمام الناس للتعلم عن سوريا أو لتعريفهم على الوجه الآخر لها.
ثقافتنا وتراثنا متنوع، وهذه فكرة رئيسية في المهرجان فنحن نركز على التعدد والتنوع في الشعب السوري. نريد أن نستخدم منصتنا للنقاش عن التنوع الثقافي بيننا. كفريق تخطيط المهرجان، نحن من مدن مختلفة وبيئات وأديان متنوعة.
نحن نمثل هذا التنوع في المجتمع السوري ونحاول ان نبرزه في برنامج المهرجان لأنه من الوسائل الوحيدة لدينا.
معظم المدن السورية، باستثناء دمشق، تعاني من انغلاق اجتماعي. لم يكن لدينا منصات التواصل مع بعضنا. الان في الغربة، الهوية السورية تربط السوريين، رغم اختلاف البيئات الاجتماعية والجغرافية.
فإنها فرصة فريدة من نوعها للاستفادة من تلاشي هذه الحواجز التي كانت موجودة في سوريا، والتعرف على بعضنا.
برأيي هذا ما يقدر عليه الفن والتراث الثقافي. وعلينا أن نستخدمهم كطريقة لبدء النقاش. هذا هدف مهرجان احتفالية سوريا بأسلوب مباشر وغير مباشر. هناك أسباب كثيرة لوجودنا وهي تختلف حسب الجمهور وموضوع النقاش.
فنحاول توعية الجمهور الغربي عن سوريا وتسليط الضوء على جمالها وثقافتها. أما بالنسبة للجمهور السوري، نحاول أن نجمعهم في نطاق التراث الثقافي المشترك ونوفر لهم مكان يشجع على الحوار.
ما يشجعك على الاستمرار بتنظيم المهرجان كل سنة؟
أسأل نفسي هذا السؤال دائماً وأنا أشعر أن المهرجان هو هديتي لسوريا. من قبل، كنت أعمل بالقطاع الإنساني بسبب رغبتي بمساعدة (البلد) بأي طريقة. عندما قررت أن أترك هذا المجال، وجدت البديل في مهرجان احتفالية سوريا. فعرضت مهارتي والكثير من وقتي للمساعدة بهذه الطريقة الرائعة. شعوري بأهمية المهرجان ونجاحه يشجعني على الاستمرابر. بالإضافة، أنا استمتع بتنظيم هذه الأنشطة، فإذا لم توجد هذه المنصة، لا يمكن لأي أحد أن يشاهد الفيلم أو الحفلة الذي يريده.
هناك فكرة أريد أن أوضحها (وهذا على الأغلب بسبب عملي)، غايتي أن أقدم الفنون للأشخاص لم يتفاعلوا مع هذا المجال من قبل. هذه فكرة نركز عليها في مهرجان احتفالية سوريا. المهرجانات أو الأنشطة ليست فقط للطبقة المخملية، وهذه مشكلة في كل مجتمع، إذا كان سورياً أو بريطانياً. في كل مجتمع هناك تميز نسبي مختلف، ولكن الطبقة الغنية مهتمين وقادرين على حضور هذه الأنشطة (في كل مجتمع). ومن ناحية أخرى، يجب بذل جهد للتشجيع الأغلبية للحضور وإنشاء مكان أمان وممتع لهم. هذا هو هدفنا، جمع الناس للاستمتاع بأعمال فنية متألقة.
وجهودكم مهمة جداً (للمجتمع السوري). ما هي الصعوبات التي واجهتيها من بداية المهرجان؟
بعض من التحديات المهمة التي نفكر فيها حالياً هي التفاعل مع الأطفال والشباب السوريين. بشكل أساسي هذا يتضمن الأطفال الذين هاجروا من عندما كانوا عشر سنين أو أصغر أو حتى ولدوا هنا. كثير من الأهل تحدثوا معنا عن معاناة أطفالهم مع هويتهم السورية، فالبعض رفضوا هويتهم وبعض حالوا أنا يكونوا سوريين بطريقة التي ترضي عائلتهم.
هناك العديد من التعقيدات في هذا الموضوع، ولكن أستطيع فهم الأسباب التي أدت إلى هذه الصعوبات. حتى البالغين يواجهون هذه المشاكل. فنحن نريد أنا نبدأ العمل في هذه المرحلة العمرية لنرى ما هو دورنا؟ هل يمكن للفن والثقافة خاصة إذا ركزنا على أنشطة مناسبة لهذه الفترة العمرية أن تربط الأطفال والشباب السوري بتراثهم؟
كيف علينا أن نستخدم منصتنا كمهرجان أو عن طريق أي عمل فني لبناء علاقة بينهم وبين ثقافتهم وتراثهم أو لغتهم. هناك احتمال أن يرفضوا هويتهم، وهذا ليس شيئاً سيئاً. ولكن نريد أن نقدم لهم بديل بسبب عدم وجود الكثير من أساليب جيدة للتعرف على هويتهم. فنريد أن نبحث عن إمكانية استخدام الفن والتراث كوسيلة جيدة لهذه المسألة.
ما هي أهدافك الأخرى لمساعدة المجتمعات المهاجرة المختلفة؟
نعمل على تشكيل مركز ثقافي هنا في مانشستر، ربما حتى لشمال غرب بريطانيا. المركز سيتضمن أنشطة مستمرة على مدى السنة خاصة للجالية السورية بدلاً أن تكون على نطاق واسع. هذه الأنشطة ستركز على شريحة خاصة في المجتمع كالأطفال، أو الشباب اليافع، أو الأمهات على سبيل المثال.
أهداف مختلفة تركز على الجزء مع المجتمع الذي يحتاج الفن والتراث كطريقة للتعلم عن قضايا اجتماعية مختلفة. يمكن أن يحتوي المركز على أنشطة مشتركة تشجع الجميع أن يلتقوا سوياً للاستفادة من الفنون والتعلم عن مواضيع مختلفة. التعاون مع فنانين ومديرين حوار لتشكيل هذا المركز سيكون مشروع طموح جداً. بدأنا بالتحدث عن هذه الأفكار، ولكن لا يوجد خطط محددة حالياً.
🌿
مقابلة بواسطة هادية بكّار