بقلم سامر نجم
أنظر من النافذة بترقُب نعم أخيراً حلّ الظلام. أرتدي معطفي الشتوي وأضع وشاحاً أحمراً كنت قد استعرته من صديق لي من أجل هذا اليوم الخاص .أُحاول إخفاء وشاحي الأحمر بياقة معطفي الكبيرة واغرز الوردة الحمراء في كُم المعطف. أتسلل من باب منزل عائلتي إلى الخارج متجاهلا وجودهم وأصواتهم في الصالون. تأخذني قدَمي إلى الحي المجاور مرورا بضفة نهر الفرات. يترائى لي جانباً تمثال الشاعر محمد الفراتي المنتصب في وسط مدينتي دير الزور، اقترب منه وأحدق في وجهه وابتسم له ولا أغادر قبل أن يبادلني الشاعر الإبتسامة ويبارك لي مشواري.
الآن,أستطيع رؤية سور الحديقة التي تحيط بمنزل حبيبتي. اقترب أكثر فأرى المنزل من وراء الأشجار، نافذتها المنيرة. تتسارع خطواتي وينتابني شعور مختلط بالشوق والحذر. اقترب بخفّة من جدار الحديقة، أرفع رأسي لأتأكد أن لا أحدا يطل من نوافذ الطابق الثاني، أتحقق بهدوء مما حولي. أريد أن أصطاد اللحظة المناسبة للاحتفال بحبّنا. تتباطأ خطواتي أكثر و أكثر لأستقر بجانب شجرة الياسمين المستلقية على جدار حديقة بيتها, التصق بالشجرة و كأنها حضرت لتشهد على حبنا. يتلألأ الياسمين حول رأسي مثل نجوم صغيرة تضيءُ المكانَ بلطف. أثبّت ناظري نحو غرفتها كطفل يترقب سطوع القمر من نافذته الصغيرة. أسمع صرير باب يُفتح.. تتسارع نبضات قلبي وأشعر باختلاجهِ داخل صدري. أهو الشوق؟ أم الخوف أن يكون أحداً من إخوتها كشف أمرنا؟ استمر بالنظر و كُلي أمل أن تكون هي.
يتراءى لي نور وجهها من بين أغصان الياسمين المتشابكة. فيكتمل ليلي المزين بنجوم الياسمين بالقمر. إنها هي، تبحص عيناها عنّي وتحمل بيدها حقيبة صغيرة و تمشي بهدوء باتجاه قوس الياسمين. تقترب أكثر وأنا اقترب حتى نلتقي.
تبتسم، تخطف نظرها باتجاه باب غرفتها بين الفينة و الأخرى. أُظهر شيئا من وشاحي الأحمر و أقول لها أحُبك، كُل عام وأنتي حبيبتي. تلمع عيناها في العتمة وتُنير وجهها الابتسامة. ندخل عالمنا الصغير وننعزل عن كل ما يُحيط بنا. نسبح في فضاء لا متناهي بمفردنا. أمد يدي لها من بين أغصان الياسمين التي تنحني بكل طواعية لتوصلني ليد حبيبتي. أضع الوردة الحمراء في يدها الدافئة و أقول: أحُبك أحُبك أحُبك. آه لو أستطيع الوصول لتقبيل يدك.
تنظر حولها بحذر و تضم يدي ووردتي بيديها الناعمتين. تنظر إلي وتبتسم دون أن تقول كلمة. تترك يدي بينما تخطف نظرها خلفها و تراقب باب غرفتها. تسحب يدها بسرعة من قبضة يدي وتعطيني حقيبة صغيرة يفوح منها عطرها المعهود، الميغنوليا. أضم هديتها بيدي و أشمّها بلطف. تهمس لي: إذهب.
أتفهم ذلك وأودّعها بُقلبة تتطاير بين أغصان وزهور الياسمين. تركض بهدوء تجاه غُرفتها و تُغلق الباب لُتسدل الستائرعن أمسية عيد الحب
أضم هديتها إلى صدري داخل معطفي وأمضي مسرعا للإبتعاد عن مسرح حُبنا. أبتعد أكثر و رائحتها رائحة الميغنوليا تملأ قلبي و روحي. أبتسم لتمثال الشاعر محمد الفراتي وأهمس له: شكرا
أعود إلى المنزل، وبسرعة أدخل لغرفتي , أُغلق الكتاب الذي تركته مفتوحاً على منضدتي وكأنني أريد أن أُهدي الليلة كلها للحب بعيدا عن قلق الدراسة وامتحانات الثانوية العامة
أحتضن الهدية وأرمي بجسدي على سريري وأعود لتفاصيل لقائي بحبيبتي وكأنه شريط سينمائي يدور على سقف غرفتي