هاني العلاف، مؤسس مشروع ونبقى، يناقش جهوده في التقريب بين السوريين وإعادة التفكير بمكانة سوريا في العالم الحالي. التقت قصتنا بهاني ليحدثنا عن رحلته من لاجئ محبط إلى باني مجتمع.
في البداية هاني، من فضلك حدثنا عن مشروع ونبقى.
نحن مجتمع افتراضي يشعر فيه جميع السوريين بالترحيب ويتم تمثيلهم. في مشروع ونبقى نولي أهمية التنوع الديني والعرقي والاجتماعي وتحديات الصحة العقلية وتمثيل الكوير. الآن أصبح مشروع ونبقى مصدر للتزود بالمعلومات وفي نفس الوقت مكان للتواصل والتعارف بين أطياف السوريين.
ما يميز مشروعنا أنه يعالج العديد من المشكلات بطريقة لم تعالجها الصفحات السورية الأخرى. كان المجتمع السوري مستقطبًا للغاية لفترة طويلة جدًا بسبب التحديات التي مررنا بها كبلد. لا تتجاهل صفحتنا هذه التحديات من خلال التفاؤل المفرط، ولكن غالبًا ما تبحث في الأسباب التاريخية لبعض هذه القضايا وتحاول تثقيف السوريين بها، من خلال النظر في القضايا الاجتماعية والتاريخ، وبذلك فأننا نحاول أن نمثل سوريا على الإنترنت.
ما الذي ألهمك لإنشاء هذا المجتمع الافتراضي، وكيف تغير منذ إطلاقه لأول مرة؟
شعرت في البداية بالإحباط الشديد من الأسئلة التي قد تطرحها من الناس حول كوني سوريًا في كندا. كانت الافتراضات التي سمعتها من حولي غالبًا صادمة وفي بعض الأحيان مؤلمة. كنت أشعر بالحنين الشديد إلى الوطن، وفي وقت ما شعرت أنني أكره أن أكون سوريًا. شعرت بأنني مجرد من الإنسانية بسبب كلمة “لاجئ”، ولذا عندما رأيت أشخاصًا آخرين يشاركون قصصًا مماثلة، أردت التركيز عليها.
يعتبر سرد القصص جزءًا مهمًا من الثقافة السورية، لذلك قمت بتسهيل رقمنتها من خلال إنشاء المنصة. أرسل لي الناس قصصهم وذكرياتهم لمشاركتها. عملت على الصفحة بنفسي لمدة أربع سنوات، وفي النهاية طورت أرشيفًا شخصيًا. عندما أضفت محتوى تعليمي، أصبحت الصفحة وظيفتي بدوام كامل. لكني أرهقت ما بين الجامعة والعمل على الصفحة عندها بدأت في البحث عن فريق لينضم لي.
لقد ذكرت أن لديك الآن فريقًا كبيرًا. كيف تتعاونون معا في تحويل القصص والحكايات التقليدية الى منشورات في منصات التواصل الاجتماعي؟
نحن الآن فريق مكون من 28 سوريًا في 12 دولة، نعمل في فرق فرعية لتحضير محتوى متنوع وفريد. كل شخص في الفريق له دور مميز لإنتاج محتوى على مستوى معين من الجودة من مصممي الغرافيك، للمترجمين…
نركز على الطريقة التي نقدم بها منشوراتنا، لذلك لا ننشر نصوص فقط فالصور والرسومات مهمة لجذب الانتباه. يتم التخطيط للموضوعات والعناوين بطريقة تحفز المشاركة وتثير النقاش. كفريق، نناقش دائمًا بشكل جماعي تنسيق منشوراتنا وعرضها. نتحلى بالمرونة ولا نعرف أبدًا ما يمكن توقعه من جمهورنا!
التعليقات أيضا ضرورية في خلق الفرص لجمهورنا للتعبير عن أنفسهم وإبداء رأيهم لذلك نترك قسم التعليقات مفتوح.
بالحديث عن السوريين في البلاد، كيف تتأكد من إمكانية الوصول إلى مشروع ونبقى، لا سيما في مواجهة نقص الكهرباء والقيود المفروضة على الوصول إلى الإنترنت؟
حوالي 30٪ من متابعينا موجودون حاليًا في سوريا. لدينا بعض المنشورات التي تم ننشرها خصيصًا للمغتربين، في حين أن بعضها مخصص للمقيمين في سوريا. نحن صفحة ثنائية اللغة، وهو أمر مهم للوصول إلى أكبر عدد ممكن من السوريين.
في بعض الحالات، نقوم بالتشاور مع فريقنا في سوريا لفهم التحديات في الوقت الحالي، ونتجاوب معها. على سبيل المثال، تعلمنا أن الوصول إلى مكالمات الزووم يتطلب شبكة افتراضية خاصة، لذلك نحن نبحث حاليًا عن خدمات بديلة لجلسات دردشة الخاصة بنا، حيث نناقش مشكلات الصحة العقلية الخاصة بالنزوح والنزاع.
فيما يتعلق بانقطاع التيار الكهربائي، قام الفريق المقيم في سوريا بسلسلة من المنشورات التي تصف التحديات التي يواجهونها والتي لاقت استحسانًا كبيرًا من قبل جمهورنا. أضف الى لك يلعب فريقنا في سوريا دورا مهما في مساعدتنا على فهم ما يمكن أن يسبب استقطابًا سياسيًا أو إشكالية، وأنا أعزو لهم الفضل في مساعدتنا على تجنب المواضيع الشائكة والتي يمكن أن تسبب خلافات.
هل يمكنك إخبارنا بالمزيد عن جلسات الدردشة التي تعقدونها؟ لدي فضول لمعرفة كيفية تسييرها وما إذا كان قد تم استقبالها بشكل جيد من قبل متابعيك.
هناك أنواع مختلفة من مشاكل الصحة النفسية التي يعاني منها السوريون في العديد من الأسر والتي لا يتم معالجتها. للأسف لازال هناك شعور بالوصمة المرتبط بمشاكل الصحة النفسية، ونحن نحاول التخلص من هذا الشعور من خلال جلسات الدردشة.
الدردشة تعني في الأساس إجراء محادثة. نجري مكالمات افتراضية كل أسبوعين، تقودها أخصائية نفسيه اجتماعيه. الأخصائية نفسها سورية مقيمة في فرنسا متخصصة في التأثير النفسي الذي يمكن أن تحدثه الهجرة والتحديات التي يواجهها المهاجر في الانخراط في مجتمعه الجديد والمحافظة على هويته وجذوره في نفس الوقت وغالبًا ما ينضم نفس الأشخاص إلى جلسات متعددة! هذا بالتأكيد يجعل المساحة أكثر حميمية.
أخيرًا، ما الذي تتمنى أن نوصله للناس من خلال مشروع ونبقى؟
سوريا مجتمع متنوع، لكن الكثير من الناس يجهلون العمق الحقيقي لهذا التنوع. أود أن أرى الانتقال من التسامح تجاه التنوع إلى الشعور بالتعايش. في الوقت الحالي، يتسامح العديد من السوريين مع “الآخر” فحسب – فالتسامح يعني ضمناً قبول الأخر مع الشعور بالفوقية، أما التعايش، هو العيش المشترك دون حكم مسبق على الآخر أو كراهية. خلال ونبقى، آمل أن يتعلم الناس المزيد عن بعضهم البعض، وعن جذورهم، وإنسانيتهم المشتركة.
🌿
أجرى الحوار: فيديكا منداباتي