عندما كانت فتاة صغيرة قيل لها في دمشق أن القانون محور الموسيقى العربية ليس للفتيات، لكن مايا تحدت كل التوقعات والقيود لتجعل القانون شغفها ومستقبلها ومصدر الهامها. قصتنا تحدثت لمايا العازفة السورية المقيمة في لندن والحائزة على عدة جوائز عن ألبومها الجديد “البحث عن الوطن”
كارمن تينغ
بعد أربع سنوات من ظهور ألبومها الأول، أحلام سورية ، والذي أشاد به النقاد حول العالم ، مايا يوسف في طريقها لإصدار ألبومها الثاني ، البحث عن الوطن، كموسيقية مستقلة هذه المرة. التقت قصتنا بمايا بعد أربعة أيام من التسجيل المكثف في مركز ويلتشير للموسيقى.
“لقد كان أمرا مذهلاً ومشوقا، انني سعيدة حقًا بالنتائج على الرغم من أنني كنت خائفًة من مواجهتها.” هذا ما قالته يوسف متحمسة لتسجيل ألبومها. بعد إطلاق أول البوم ناجح مع شركة التسجيلات هرموني موندي” “، قررت إطلاق البومها الجديد بشكل مستقل هذه المرة من الخدمات اللوجستية إلى التمويل. بينما تلقت تمويلًا من مجلس الفنون في إنكلترا ومؤسسة “Women Makes Music”، فإنها تطلق حملة تمويل جماعي لتغطية تكاليف الانتاج والعلاقات العامة.
تقول: “هناك هذا الخوف في داخلي،” سأطلب من الناس مساعدتي، لإعطائي المال مقابل فني “، وهذا يخيفني”. “كان علي أن أتحدث إلى الكثير من الناس، لطلب المساعدة ومن الرائع أني تلقيت قبولا ايجابيا من الجميع
“يمكن أن يتوقع المعجبون موسيقى الحجرة العربية غير التقليدية من حيث التأليف والترتيب والتي اعطت يوسف الفضل في ادخالها لمساعد المنتج ليو ابرهامز، أحد تلاميذ بريان اينوالي الذي يعتبر رائدا في الموسيقى المحيطة. أضافت يوسف في البومي الأول لم أتنلقى مثل هذا الدعم ، بالتأكيد هذا أثرى تجربتي وجعلها أكثر تشويقا”
في البحث عن الوطن، مكان الراحة، السلام والشفاء
بينما كان البومها الأول، أحلام سورية تعبير عن الصدمة التي سببتها الحرب في سوريا، فان البومها الثاني البحث عن الوطن يرسل مشاعر أكثر عالمية
“في البوم أحلام سورية، كانت الصدمة والخوف من الخسارة تجسد حالتي، التفكير بأنني من الممكن ألا أرى أهلي مرة أخرى، التفكير بأنه يمكن أن يتبعثر وطني وعالمي بلا عودة من دون وداع، كانت الفكرة هي العثور على وطن في وطني” أضافت يوسف
“لكن هذا الألبوم يحمل رسالة أكثر عالمية، كان انعكاس لرحلتي في البحث عن وطن، البحث عن مكان الراحة، والسلام والدفء بغض النظر عن ماهية هذا الوطن سواء تجسد ذلك في شخص، في رحلة ،في الخسارة، أوفي الطبيعة. اختلفت هذه الرحلة عن الرحلة الأولى شعرت بأنها أعمق بكثير. عندما شارفت على الانتهاء من الكتابة أصبح واضحا بالنسبة لي أني أبحث عن وطن في داخلي، في داخل روحي”
روح الأرض القديمة يعبر عنها بلغة حديثة
يعتبر القانون المكون من 78 وترا، أله موسيقية تقليدية بمثابة الالة الأم في الموسيقى العربية. يوسف تدربت على الموسيقى الكلاسيكية العربية ومع ذلك لم يمنعها ذلك من الانفتاح على أنواع اخرى من الموسيقى حول العالم.
منذ نعومة أظفارها، وبفضل ذوق والدها الانتقائي قامت يوسف بعزف الجاز والموسيقى الكلاسيكية الغربية واللاتينية، ذلك كله دون تتخلى عن جذورها في عزف الموسيقى الكلاسيكية العربية.
أرى نفسي كشجرة. لدي جذور عميقة تعود إلى آلاف السنين، ولكن في الوقت نفسه، فإن أفرعي تتمتع بحرية الذهاب إلى أي مكان تريده. في هذا الألبوم، استخدم روح أرضي القديمة ولكن بطريقتي الحديثة، بطريقة صحيحة بالنسبة لي لأن الحياة أقصر من أن أحاول وضعها
بالنسبة ليوسف، فإن جزء مهم من الابداع هو قابلية الاندماج والاستسلام لمختلف المؤثرات وخاصة الملهمة، حتى غير المتوقع منها. قامت يوسف بتكليف من المتحف البريطاني، بتأليف مقطوعة حمى الروح الذي شاركت به في المعرض الأخير، انعكاسات: الفن المعاصر للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالتزامن مع أسبوع اللاجئين. استلهمت هذه المعزوفة من رسم للفنانة سميرة عباسي التي كانت بعنوان “Unravelling “، لوحة مخطط عليها أسماء ملحنين وأغاني مشهورة منقوشة على فستانها.
“على الفور قبلت الدعوة “. لذا عدت إلى المنزل وشغلت مقاطع من تلك الأغاني الشهيرة، لكنني حاولت وحاولت، ولم أنجح. بعد ذلك توقفت فقط استمعت، وكانت النتيجة حمى الروح. جاء ذلك عندما استمعت حقًا إلى كل ما كانت اللوحة تحاول إخباري به. لقد كتبت كل شيء في أربع ساعات بعد أن حاولت لمدة أسبوع “
بعد قدومها إلى المملكة المتحدة في عام 2012 ضمن برنامج الحكومة البريطانية للمواهب الاستثنائية، تعتبر يوسف نفسها محظوظة لأنها تمكنت من متابعة مسيرتها الموسيقية في بيئة آمنة، وتأمل أن يجد أولئك الأقل حظًا العزاء في موسيقاها. “أصلي قبل كتابة الموسيقى وأدعو الله أن تكون موسيقاي وسيلة للسلام والشفاء ”
احدى مؤلفاتها في ألبوم، Lullaby ، موجهة لأولئك الذين اضطروا إلى الفرار من منازلهم من أجل حياة أفضل. “إنها مستوحاة من صورة رأيتها لأم سورية تحمل طفلها مع انفجار قنبلة في الخلفية. تركت كل شيء وهناك أشخاص يدفعون الأشياء أمامها. إنها في فقاعة الأمل التي تحجب كل شيء، وتغني الأم لهذا الطفل كما لو أن انفجار القنبلة وكل الجنون المحيط به لم يكن موجودًا. إنها تتمسك فقط بهذا الأمل لأنه بدون ذلك، لا يمكننا البقاء على قيد الحياة. نأمل، بفضل نعمة الله ونعمة ملائكة الأرض، أن يجدوا طريقهم لبناء وطن جديد “
من المقرر إطلاق البوم “البحث عن الوطن” Finding Home في ربيع عام 2022 ، ضمن مهرجان الموسيقي السوري لمدة يومين برعاية يوسف في مركز ويلتشير للموسيقى بلندن ، والذي سيضم حفلات موسيقية ومحادثات وورش عمل لمجتمعات اللاجئين
لمزيد من المعلومات عن مايا يوسف وعملها زوروا موقعها mayayoussef.com