غادرت منزلي في سوريا بحلم كبير ولم أستطع العودة. كانت وجهتي دبي. أحضرت معي الذكريات الحلوة مع عائلتي والقهوة التركية ورائحة الياسمين وأغاني فيروز
كان في شارعنا تنور من الطين يستخدمه سكان الحي. و كانت امي عندما تعمل فطائر تحرص على اطعام المارة والجيران خشية ان يكون احد أشتم رائحة الفطائر و اشتهى اكلها. و مازالت تلك الرائحة الذكية في انفي إلى الآن. و الآن قد بدأت حياة جديدة في هولندا.
أنا سعيدة جًدا أنني اتخذت قرار المجيء إلى هولندا. خلال أربع سنوات حققت الكثير. لقد تعلمت ركوب الدراجات والسباحة ولغة جديدة . لقد قمت مؤخّراً بتأليف كتاب باللغة الهولندية بعنوان “نُدوبُ قلبي الذهبية”. يحكي كتابي عن التحديات التي واجهتها في ثلاثة بلدان مختلفة. و خصوصا كأم لتوأم في سن المراهقة علي أن أسعى جاهدة لترسيخ ثقافتنا و تبني الثقافة الجديدة و خلق توازن بين الثقافتين.
في الوقت الحالي بدأت بتأسيس عملي الخاص من المنزل ”فطائر تسار.“ وهو خليط من خمس أنواع دقيق لعمل فطائر ومع المكونات السورية مثل الزعتر والمحمرة. المحمرة عبارة عن فليفلة حمراء يضاف إلى البصل المطبوخ والسمسم والشمر. الخليط غني بالبروتين، غني بالألياف، قليل الكربوهيدرات وخالي من السكر المضاف. فكرة فطائري هي دمج ثقافتين في فطيرة صحية. البان كيك الهولندي التقليدي بحشوة الفطائر السورية التقليدية. استطيع التسوق من السوبرماركت السوري وشراء جميع المكونات و كم يسعدني قراءة صنع في سوريا على المنتج مثل الزعتر. تعيدني رائحة هذه الفطائر بالزمن والمكان إلى والدتي في سوريا في فصل الصيف و قبل المغيب حيث لم يعد الطقس حار جدا حيث كانت امي تضع يدها داخل التنور حيث الكثير من الجمر في الأسفل و تضع فطيرة بسرعة و تاخد الفطيرة التي أصبحت جاهزة للأكل بسرعة لكي لا تحترق يدها.
أتذكر وجنتي امي المحمرة من لهيب النار و قطرات العرق على جبينها من الحرارة و لكن مع هذا تحرص على دعوة كل من يمر لتناول فطيرة ساخنة. لا تقبل الرفض أبدا. ما أجمل هذا الشعور، حب العطاء و اطعام حتى الغريب. والكمية الكبيرة من العجين التي تكفي لسكان الشارع بأكمله. يا لجمال تلك الأيام قبل الحرب.
و كم احترم الشعب السوري الذي لم يستطع السفر ليهرب من الحرب و ما زال يحتفل في عيد الحب. الحب في زمن الحرب أجمل من قبل. ويحرص الشباب على شراء زهرة حمراء ودب كهدية للفتاة التي يحبها. ليس لدينا طعام أو حفلة تقليدية لعيد الحب، إنها في الأساس تبادل الهدايا والمشاعر البريئة. أتمنى أن يعم المحبة والسالم العالم كله وخاصة سوريا. الأشخاص الذين بقوا في سوريا هم أبطال حقاً، إن حبهم لعيش الحياة كل يوم وليس فقط الاحتفال بعيد الحب هو درس يجب ً
.تعليمه للعالم بأسره. 10 سنوات من الحرب لم تغير قلوبهم وما زال لديهم الأمل والحب كسلاح لمواكبة ذلك حتى الوصول إلى مستقبل سلمي.
و كم انا سعيدة أنّي من سورية أرض الثقافة والضيافة والياسمين والحب، والتي تستحق أن تكون آمنة مرة أخرى وأن يعاد بناؤها. يجب أن يفوز الحب و السلام في النهاية.
كتابة تسار عسيكرية